الشيخ محمد الفحام
من جوامع الكلم النبوي || 338

من جوامع الكلم النبوي || 338

تَبِعاتُ الذَّنْبِ على غيرِ صاحِبِهِ

كُتبت منذ يومين

شارك المقال عبر :

عن أنس رضي اللهُ تعالى عنه عنِ النَّبِيِّ أنَّه قال: 

«الذَّنْبُ شُؤْمٌ على غيرِ فاعِلِهِ؛ إنْ عَيَّرَهُ ابْتُلِيَ به، وإنِ اغْتابَهُ أَثِمَ، وإنْ رَضِيَ به شاركَهُ»

                  | الديلمي في الفردوس |                 

·الذَّنْبُ الشُّؤْمُ؛ ضِدُّ اليُمْنِ، أي: إنَّ المعصيَةَ مِنَ العاصِي قد تكونُ سبباً لِوقوعِ غيرِ العاصِيِ الشاهِدِ عليه في أكثرَ مِنْ مَعصيَةٍ، وقد وقَعَ العاصِي في واحدةٍ فَقَط والمعاصي التي يَقَعُ فيها الغيرُ بتلكَ الأسبابِ المذكورة الآتية.  

·١- إنْ عَيَّرَهُ ابتُلِيَ به؛ إنْ أَسْقَطَهُ وأَظْهَرَ الشَّماتَةَ فيه وَقَعَ في نَفْسِ الذَّنْبِ الذي وَقَعَ فيه الْمُذْنِبُ، لِأَنَّ الأَوْلى أَنْ يَرُدَّهُ إلى جادَّةِ الصوابِ، ويَدْعُوَ له بالهدايَةِ والعافِيَةِ مِمَّا هو فيه في ظَهْرِ الغَيْبِ، وذلكَ مِنْ هَدْيِ الحبيبِ الأعظمِ فإنَّهُ لَمَّا أُقِيمَ الحَدُّ على شاربِ الخَمْرِ اسْتَخَفَّ به أحدُهُمْ، فَنَهاهُ عليه الصلاةُ والسلامُ آمِراً إيَّاهُ بأنْ يَدْعُوَ له بقولِهِ : «ولكنْ قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»، وفي الترمذي من حديثِ واثلَةَ: «لا تُظْهِرِ الشَّماتَةَ لِأَخيكَ، فَيَرْحَمَهُ اللهُ ويَبْتَلِيَكَ» 

·٢- وإنِ اغْتابَهُ أَثِمَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِسُوئِهِ في غَيْبَتِهِ، وذلك مَنْهِيٌّ عنه بتوجيه النَّبِيِّ في الحديثِ المعروفِ المشهورِ لَمَّا سُئِلَ ؛ ما الغِيبَةُ؟، فقال: «ذِكْرُكَ أخاكَ بِما يَكْرَهُ»، ولا نَغْفُلُ عن أنَّ الغِيبَةَ مِنَ الكبائر.

·٣- وإنْ رضيَ به شاركَهُ؛ شاركَهُ في الإثم لأنَّ الرِّضَى بالمعصيةِ مَعصيَةٌ  

· وعليه؛ فهو توجيهٌ نَبَوِيٌّ راشِدٌ إلى قَضِيَّةِ الإصلاحِ الاجتماعيِّ المنشودِ عندَ كُلِّ مَنْ سَلِمَ له دينُه بسلامَةِ قَلْبِهِ. وذلِكَ مِنَ التربيةِ الزاكِيَةِ في أَنَّ على المسلمِ أنْ يُبْغِضَ المعصيةَ لا العاصِي، وذلِكَ لِضَرورةِ دَرْءِ الفَسادِ بإرادَةِ الإصلاحِ، وَحُبِّ الخَيرِ لِلغيرِ حِرْصاً على كَمالِ الإيمانِ في ذلكَ لقولِهِ : «لا يُؤْمِنُ أحدُكُمْ حتى يُحبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»  

                    ·فاللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يَسْتَمِعونَ القَوْلَ، فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، واحْفَظْنا مِنْ زَلَّةِ القولِ والعملِ.