الشيخ محمد الفحام
من جوامع الكلم النبوي || 187

من جوامع الكلم النبوي || 187

عشر الخيرات من ذي الحجة

كُتبت منذ شهر

شارك المقال عبر :

عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال: رسول الله ﷺ :

«ما مِنْ أيامٍ العملُ الصالحُ أحبُّ إلى اللهِ تعالى أنْ يُتَعَبَّدَ له فيها مِنْ هذه الأيَّام _يعني أيام العشر_ » قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلا رجلٌ خرجَ بنفسِه ومالِه ثم لم يرجعْ مِنْ ذلك بشيء».

| البخاري والترمذي وأبو داود وابن ماجه والطبراني |

·ما من أيام أحب؛ (أحبُّ) خبرُ (ما) و (أن يتعبد) متعلِّقٌ بأحب بحذفِ الجار فيكون المعنى مامِنَ الأيام أحبُّ إلى الله لأنْ يُتَعَبَّدَ له فيها.
كما أشار الحافظ المناوي عن الطيبي
.

·العمل الصالح؛ هو كلُّ عملٍ لا تَشُوبُه شائبةُ باطنِ الإثمِ أو ظاهره، وكلُّ ما يَتَرَتَّبُ عليه أَجْرٌ داخلٌ في محبوبِ الله تعالى من العمل الصالح ما صحبه النيةُ الخالصة بدءاً من السلام على أخيه وانتهاءً بقضاءِ حوائجِ الناس جوهرُها الذكْرُ والصيامُ والقيامُ والإكثارُ من الباقيات الصالحات ففي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله ﷺ : «ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدِلُ صيام كلِّ يومٍ منها بصيام سنة، وقيامُ كلِّ ليلة منها بقيامِ ليلة القدر» وفي الطبراني بإسناد جيد؛ «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحبُّ إلى اللهِ العمل ُالصالح فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير». وتلك هي الباقيات الصالحات التي قدَّر الله تعالى أنْ تكونَ غراسُ الجنة لهذه الأمةِ كما أَخْبَرَ بذلك الخليلُ إبراهيمُ عليه السلام، ففي الترمذي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لقيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْرِيَ بي، فقال: يا محمدُ أَقْرِئْ أُمَّتَك مني السلام، وأخبرْهم أنَّ الجنةَ طيِّبَةُ التُّربة عذبةُ الماء، وأنها قيعان، وأنَّ غِراسَها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله والله أكبر»
وفي الصحيح: «أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ تعالى أربعٌ، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر».

·هذا؛ وإن خيرَ العشر يوم عرفة وهو خير يوم طلعت عليه الشمس لذا كان مدخل غفران لسنتين سابقة ولاحقة ففي الصحيح: «صيام يومِ عرفة إني أَحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ والسَّنَةَ التي بَعْدَهُ»
ويُستحب فيه الإِكثارُ من الدعاء والذكر كما ورد فيما أخرجه مالك في الموطأ: «أفضل الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفة، وأَفْضَلُ ما قلتُ أنا والنبيُّون مِنْ قَبْلِي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».

·أحبُّ إلى الله تعالى؛ هي أفعلُ التفضيل، ثم إنَّ في توجيه اللهِ تعالى عبادَه إلى ما يُحِبُّ استنهاضاً لِهمَّتِه ودعوةً منه إلى محرابِ حبِّه بتلك العبادات.

·مِنْ هذه الأيام؛ أيام العَشر من ذي الحجة التي جعلت من جملة المواسم الهادية الرادة عباد الله إلى محراب قدسه، ورياض أنسه، ودوحات حبِّه سبحانه.

·قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء؛ وذلك للإشارة إلى قَدْرِ تلك الأيامِ وقُدْسِيَّتِها وجليلِ استثمارها. مِنْ هنا كان السَّلَفُ الصالحون مِنَ الصدر الأول إلى زمانِنا هذا يُشَمِّرون عن ساعِدِ الجِدِّ فيها، كان الصحابيُّ الجليلُ ابنُ عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: "لا تطفئوا سُرُجَكم لياليَ العشر"، وكان رضي الله تعالى عنهما يقول: "كان يقال في أيام العشر بكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم _يعني في الفضل_ "
 فاللهم أَعِنَّا على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتِك ولا تَجْعَلْنا مِنَ الغافلين آمين
.